في ظلّ ظروف الحرب القاسية، تعلّمنا أن الأمن ليس مجرد كلمة، بل هو نعمة عظيمة لا يشعر بقيمتها الحقيقية إلا من فقدها. وعندما اهتزّ هذا الأمن من حولنا، أدركنا أهمية البحث عن منافذ تبثّ الطمأنينة، خاصة للأطفال الذين تُرهقهم تفاصيل الحرب قبل أن يفهموها.
ومن بين كل ما اكتشفناه في هذا الواقع، برزت لنا المساحات الآمنة للأطفال كنبض حياة يعيد لهم شيئًا من طفولتهم المفقودة. هذه المساحات ليست مجرد غرف أو ساحات؛ إنها عالم صغير يجد فيه الطفل ما يشبه المأوى الروحي.

بين صفحات الكتب، في الرسوم والألوان، تحت ظل شجرة، أو أثناء تعلّم مهارة جديدة… هناك يُعاد ترتيب الفرح داخلهم، وتُكتب كلمات ستظل محفورة في ذاكرتهم ما عاشوا
إن أثر هذه المساحات لا يقف عند حدود الترفيه، بل يمتدّ لإعادة بناء ما تكسّر داخل الطفل. فهي تمنحه شعورًا بأن الأمل ما زال ممكنًا، وأن الجمال لا يزال حاضرًا، وأن الحياة رغم قسوتها تحمل لهم أماكن آمنة يتنفّسون فيها.
وهكذا، تصبح المساحات الآمنة أكثر من مجرد مبادرات؛ إنها ملاجئ قلبية تحمي طفولة الأطفال من الضياع. فطالما أن القلوب ما زالت تنبض، سيبقى هناك متسع لصناعة الفرح، ولغرس الأمل، ولترميم ما تركته الحرب في نفوسهم من تشوّهات. فالأمان يبدأ من مكان صغير… لكنه يمتد ليصنع حياة كاملة



